كانطوائي قديم، يحاول دومًا أن يضع نفسه مَركزًا لدائرة وهمية آمنة من الاختراقات الاجتماعية غير المرغوب في مواجهتها، فيفلح حينًا في الحفاظ عليها ويفشل أحيانًا أخرى، في كل الأحوال، يكون السعي لنقيض ما كان يقصده هو رفيقه اللصيق!
ينعزل ويعتزل حتى يسكن، ثم تراوده نفسه- تماشيًا مع ناموس الكون-، أن يتحرك بعد سكونه، فيسير في طري
ق يُظَن في غلبة يُسْره على عُسره. يواصل السير إلى أن يتضح له بعضًا-قل أو كثر- مما كان يخشاه، فيواجهه حينًا ويول دبره هربًا أو تحرفًا لقتال، فإن قاتل جَرح وجُرِح، إلى أن يعتقد في نفاد حيلته-أقول “يعتقد” لاحتمال، وربما غلبة، خطأ اعتقاده-، المهم أنه يعود للرغبة في السكون مرة أخرى، فيسلك طريقًا شاقًا للعودة ويظل هكذا متنقلًا من كبد إلى كبد!
هذه هي الحياة، ولا يُهَون مرورها سوى ما- أو من- تصحبه فيها.
الصداقات الممتدة، والرِفقة المُطَمئنة، والهواية الشاغلة، كلها ألوان للصحبة، تمتزج مع لونك وترسم أطيافًا ساحرة لا تشبه إحداها الأخرى إلا في حملها لبصمة روحك التي، على ما فيها من نقصان، مستحقة للتحليق مع غيرها، وربما مستحقة للخلود كذلك!
كما تُحلق بك الرغبة في الخلود، تتنازعك جاذبية، ولا أقول دونية، القاع. مهما تقل، يُمثل القاع، مُستقرًا ومُقامًا لِجُلّ ما يتحرك أعلاه. تنظر إليه من عَلٍ طمعًا في قدر من الراحة، فتهبط إلى أن تأوي إليه وأنت لا تدري إن كان سيهوي بك إلى أعماق أدنى لم تعرفها بعد، أو ستَخْبر فيه ما يعلو بك إلى آفاقٍ لم تظن بلوغها ممكنًا!
#ميم_نون
#memenoon
“إن العلا حدثتني وهي صادقةٌ
فيما تُحدثُ أن العز في النقلِ
لو أن في شرف المأوى بلوغَ منىً
لم تبرح الشمسُ يوماً دارة الحملِ”