يسير حاملًا كتابًا اشتراه لتوه ليجلس ويقرأ فيه قبالة ساحل مدينته الذي لا يراه طوال الأسبوع، يضع السماعات الجديدة في أذنيه حائرًا في اختيار ما يسمعه..يختار قائمة عشوائية من تطبيق “أنغامي”، فيجدها تبدأ ب “يوم تلات” لعمرو دياب التي تحكي قصته مع ال”تلات بنات”!
يستمر في المشي لدقائق معدودة ويجلس أمام البحر تحت مظلة تقيه المطر المتساقط ويقرأ لأقل من ساعة قبل أن يقرر العودة لدفء المنزل واستكمال القراءة هناك..يدفع حساب المشروب الدافيء الذي صاحبه في الساعة الفائتة ويطلب أوبر لتأتيه ثالثتهن عند البوابة..يربط فجأة بين أغنية عمرو دياب، والثالثة، سائقة أوبر -ومن أجلسته بجانبها-، وعدوى السالمونيلا!
——-
الأولى:
متأخرًا عن طبيب العظام، هرول متجاوزًا باب الغرفة ثم باب الشقة ثم باب المصعد، فباب البناية. متحملًا آلام ظهره بصعوبة، وقف في الشارع وفتح التطبيق ليطلب السيارة التي ستقله للطبيب عصر ذلك اليوم المزدحم. كالعادة، ظهر على هاتفه إشعارًا برقم السيارة ونوعها واسم وصورة السائق، أو بالأحرى: السائقة.
***
وقفة: بدلًا من التطرق في القصص الثلاثة لإكليشيهات الانبهار برشق مطواة في كبد المجتمع الذكوري، سأركز بإيجاز موضوعي على ما جعل تجربتي مع كل واحدة منهن استثنائية.
***
وَصَلَت وركبت معها السيارة ولاحظت تمهلي في الجلوس لتجنب المزيد من الألم. استأذنتني في الدخول معها للنادي بالسيارة لنعبر للجانب الآخر من الطريق بأسرع وسيلة ممكنة. وافقتها مترددًا. عبرت البوابة بثقة وسلّمت على فرد الأمن بلطف ومرح كانا كافيين لعدم سؤاله عن بطاقتي أثناء مرورها، بعد ٥ دقائق على الأكثر من هذا السلام، كنت أمام عيادة الطبيب منتظرًا دوري.
——-
الثانية:
مرة أخرى: عصرٌ مزدحم بالعائدين من المدارس والأشغال..لم أشغل بالي لعمارتباطي بعمل منذ الصباح في مدرسة على الطريق الدائري خارج المدينة. لم آخذ سيارتي في الصباح كما خططت في اليوم السابق، أوصلني أحدهم مع بضعة صناديق تحتوي على منتجات مختلفة يجب أن تُعرض في يوم مفتوح بالمدرسة للطلاب الصغار وذويهم.
مر اليوم وظللت لأكثر من ساعة أحاول طلب “أوبر” وأُقابل بالرفض القاطع المؤذي من كل السائقين لبعد المسافة وازدحام الطرق. لم يكن لدي خيار سوى انتظار المنقذ.
لم ينقذني – وصناديقي الثقيلة- سوى “الثانية” التي تفهمت موقفي وأصرت أن تصل إليّ، على الرغم من سلكها طُرُقًا خاطئة أبعدتها عدة كيلومترات على الطريق السريع-لاضطرارها القيادة في طريق غير معروف لها ثم أخْذ طرق فرعية غير ممهدة نحو “المدرسة الدولية”.
أوصلتني واكتشفت في الطريق أنها صيدلانية تحاول زيادة دخلها لتجهيز صيدليتها الخاصة.
——-
الثالثة:
أمطار غزيرة في الواحدة والربع صباحًا. خرَجتُ من البوابة لأجدها في انتظاري في أقرب نقطة توقف ممكنة وبجانبها ملاكها الحارس المرح، ابنها الصغير!
جلست في المقعد الخلفي في صمت بعد تأكيدي لوجهة الوصول، وتأملت قيادتها وبساطة ابنها وهو يسألها، أثناء لعبه على الموبايل، عن توقيت عودتهما للمنزل، وما إذا كانا سيعودان بعد هذا “الأوردر”! أوصلتني في دقائق معدودة لقرب المسافة وخلو الشوارع في ذلك التوقيت المتأخر والممطر. شكرتها عند الوصول وفكرت أنه لو كان الوقت أبكر قليلًا من ذلك، لكنت أحضرت لولدها حلوى تسليه في الطريق.
——-
عدوى السالمونيلا:
“عدوى السالمونيلا (داء السلمونيلات) هو مرض بكتيري منتشر يصيب السبيل المعوي. عادةً ما تعيش بكتيريا السالمونيلا في الأمعاء الحيوانية والبشرية، ويتم إراقتها من خلال البراز. يصاب البشر في معظم الأحيان من خلال المياه الملوثة أو الطعام الملوث.
في العادة، لا يعاني الأشخاص المصابين بعدوى السالمونيلا من أي أعراض. ويعاني آخرون من الإسهال والحمى وتشنجات البطن في غضون 8 إلى 72 ساعة. ومعظم الأشخاص الأصحاء يتعافون خلال أيام بدون علاج معين.” – موقع مايو كلينيك
وبعد مشاركتكم ما أظن أنه قد يستحق المشاركة، ولأن الوقاية خير من العلاج، أنصحكم أعزائي القراء بتوخي الحذر من كل ما هو ملوث، لا لأنه قد يعرض أحدكم أو أحبابكم لعدوى السالمونيلا فقط، بل لأنه قد يأخذ من طاقتكم الثمينة ما لا يستحق أخذه.