محاولة للحكي العشوائي

Reading Time: 2 minutes

 

 

نعلو ونهبط بين الحين والآخر.. وبين كل علو وهبوط، تولد إشارات متفاوتة الوضوح ومتفقة الدلالة لما يمكن أن يحدث في القريب الآتي.

علمت في وقت سابق، أو ربما – بإضافة لمحة صوفية للسرد- كُشف لي أن ما أتمتع به من حرية في وقت ما لن يستمر. ظللت أتنفس تلك الحرية في هواء مدينتي المحبوبة إلى أن تحول لدخان خانق كاد أن يقتلني.. وقتها عرفت أن امتناني لما كنت أتمتع به وتوجسي مما يمكن أن يأتي لاحقًا كان في محله.. أدركت أنني على صواب دون أن أكون سعيدًا بذلك!

لاحقًا، تكرر هذا الشعور المربك وتأرجح بين شعور بالسوء وانتظار الأسوأ، وبين امتنان للخير وتخوّف من زواله. لم أتوقع أن الأفضل آت إلا في مرات معدودة، وبقدر ما تبدو -على ندرتها- أنها أفضل الحالات وأكثرها إيجابية، إلا أنّها كانت دومًا أقساها.. فالسقوط من علٍ ليس كغيره!

لاحت لي في الفترات السابقة مسارات بدت مضيئة، للقدر الذي جعلني أتعامل معها معاملة التائه في نفق مظلم لضوء لامع في آخره، يعدو نحوه بمجرد رؤيته وهو لا يدري إن كان لمحة من عمران وحياة قد يتمتع بها خارجه، أم قطار ماضٍ نحو دهسه. على أي حال، تعبت كثيرًا من كثرة السقوط من عل. علَوْت بمساعدة أطيب من حولي. منهم من انتشلني من القفز في هوة سحيقة للأبد، ومنهم من حرص بعد نجاتي من السقوط، أن أزيل ملامح الموت مما يظهر مني. ومنهم من توغل في نفسي لإصلاح الباطن كما أصلح سابقه الظاهر. ومنهم من استمر في الدعم ليتأكد أني بخير من وقت لآخر. جمعهم الاهتمام بي وأنا ممتن لهم جميعًا لكل ذلك. لكني الآن أسقط من جديد!

أشعر بسقوط مروع نحو البلادة والعدمية واللاجدوى والانفصال detachment عن كثير مما يجري حولي.. أعمل وآكل وأشرب وأنام ثم أعيد الكرّة لما لا نهاية.. يبدو العمل مقابلًا للعدمية والانفصال لإعطائه معنى لبعض مما أفعل مع آخرين. لكن يبدو أنه لا يكفيني. لا أظن أنه يكفي أغلب البشر، إلا من عمل منهم ما يحب، وهي رفاهية قليل من يتمتع بها مقابل الكثيرين الذين يحبون ما يعملون رغمًا عنهم.

ما يحتل دماغي حاليًا هو الهروب من كل ما يؤذيني بأي طريقة كانت.. وما يعذبني أنني أعرف أن المهمة لن تكون بسهولة كتابتها أو قولها هكذا. أما ما يربكني هو مدى صحة اختيار الهروب من عدمه، خصوصًا إن خالطه بعض الأذى للنفس أو للآخرين.. سئمت الحيرة والعذاب وكرهت نفسي وكرهت رغبتي المستدامة في الموازنة بين تفضيلاتي وتفضيلات الآخرين.. كرهت التأرجح والتردد والسير في دوائر مفرغة في زمن لا ينتظر أحدًا ليجمع شتات نفسه.

لا يوجد إطار واضح لما أحكيه، لكنها محاولة للحكي فقط… لعلّها فرصة لعمل بعض مما أحب أو بعض مما يظن الآخرون أني أحبه وأجيده!

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *